الأحد، 6 يونيو 2010

رجال ؟ أم أشباه رجال ؟!!


رجال ؟ أم أشباه رجال ؟!!

قد يبدو العنوان قويا ، عنيفا ، مغاليا ، أو صفه بما تشاء ، فأنا أؤمن بأن جوهر القضية التي سأطرحها تستحق عنوانا كالذي كتبته. فمن المعلوم أن الفجوة (Generation Gap)بين الآباء والأبناء أحدثت كثيرا من المشاكل ، وجعلت من الفريقين متصارعين يناوش بعضهم بعضا ، دون وجود أرضية مشتركة تجمع بين المختلف بشأنه ، لنخرج بجو من التخاطب والتعامل يسوده احترام وتقدير كل فريق للآخر.

وما يحدث هو أنّ كثيرا من الأبناء (الإخوة) لا يمتلكون ذرة من الشجاعة للوقوف في وجه الظلم القائم على أمهاتهم أو أخواتهم ، ظلم الآباء للأبناء ، وظلم الأزواج للزوجات. فمما لا يخفى على الكثير أن هناك فئة من الناس لا زالوا يعيشون على قوانين الجاهلية الأولى ، منهم الجاهل ، ومنهم التقليدي ، ومنهم - وللأسف - المتعلم والمثقف من الخارج والخاوي من الداخل. وقد يتساءل القارئ لماذا نلقي اللوم على الأبناء الذكور؟!! وأقول أنّ الأمل للتحرر من الظلم يكون في هؤلاء (الرجال) المتعلمين والمثقفين ، والذين من المفترض أن تكون رجولتهم واقعا وفعلا عوضا على أن تكون شكلا وقولا. فهم خلفاء آبائهم ، وهم عماد البيت ، وهم من يتوجب عليهم القيام بمهام القوامة من حماية ومن حفظ للعرض ومن توفير عيش كريم لأسرهم ومن رفع للظلم.

والغريب في الأمر هو أن تجد من هؤلاء من لا يملكون ذرة من التحكم الذاتي بقراراتهم ، فشخصياتهم ضعيفة إلى أبعد ما يكون ، وكلمتهم كشكلهم مهزوزة لا تساوي شيئا. وقد يقول منتقد أنني أشجع على العقوق وعلى العصيان وعلى الوقوف في وجه الآباء ، وأقول اقرأ الواقع قبل أن تقرأ سطوري ، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، والظلم ظلمات يوم القيامة.

فكم من زوجة تهان وتضرب ، وكم من أخت أو ابنة تحتقر ، وكم من عائلات ذاقت ويل معيليها ، فلا كرامة ولا احترم بل ظلم وامتهان. ونجد أن الابن أو الأخ يقف متفرجا ، لا حول له ولا قوة ، فأين أنت من الرجال ؟!

ومن المعلوم أن كل مشكلة يجب أن تعالج بالتفاهم والهدوء والتشاور ، ولكن كيف بأدمغة جاهلة علما ، وعقيمة فكرا ، أن تحاور وتناقش ، وهي لا تعترف إلا بمبدأ السيطرة التامة ، فالقوامة في نظرها دكتاتورية واحتقار وذل وامتهان.
وقد لا يصدق البعض مثل هذا الكلام ، لكن كيف باللواتي ذقن العذاب وتجرعن الويلات لسنون طوال؟! لماذا نستحي من مناقشة مثل هذه القضايا المركزية ؟ ولماذا نخجل من مصارحة أنفسنا بما يحدث خلف الأبواب المغلقة في بيوت الظلم ؟ وإلى متى سنظل معدومي الشخصية لا تأثير لنا في مواجهة مثل هذه المواقف؟

ولنكن واقعيين عند الطرح ، فهذه فتاة تقول " يمنعني أبي من الخروج من البيت ، ومن زيارة إخواني ، ومن حضور أفراحهم وأتراحهم ، ومن كل شيء بإسم الخوف من أن يراني أحد ما ، وكأنني أمثّل فضيحة في نظره ، أما إخوتي فلا كلمة ولا وزن لهم ، وكل ما يقولوه هو أنّ عليّ أن أطيع والدي بإسم الدين ، فكيف تجاهلوا الدين عندما يسيء معاملتي ومعاملة أمي؟!!"

وتقول أخرى " أعيش في بيت أنا الوحيدة فيه التي تعامل بطريقة محتقرة ، ولا أدري لماذا !" وأخرى مكلومة تشتكي ظلم أبيها لها ، ومنعه لها من الزواج خوفا أن يفقد راتبها الذي يفوق سبعمائة ريال ، والتي لا تحصل منه شهريا على أكثر من 20 ريالا، وإذا ما انفقت من شيئا نكّل بها وأذاقها مر العذاب.

وهناك من الزوجات من يضرب ويهان ويحتقر ، رغم شقائهن وتعبهن وخدمتهن لأزواجهن وأولادهن ، وبدأت ظاهرة خيانة الزوجات بالإنتشار ، فهي أجمل ما قد يقدمه (الرجل) لزوجته كرد للجميل.

كل ما نطلبه أن نقف في وجه الظلم ، وأن نكون عونا وسندا لأمهاتنا ولأخواتنا ، لأننا مسئولون عنهم أمام الله وأمام المجتمع وأما الشرف والكرامة والعزة ، فمنذ متى كان العرب يرضون بمثل هذه التصرفات الجاهلية النتنة التي تأكل العائلات وتهوي بالمجتمع إلى واد سحيق من المشاكل والعلل.

ومما لا شك فيه أن المجتمع لا يقوم إلا بتعاون وتكافل أبنائه ، وما شاع الظلم بين الناس إلا وانتشرت مآسي تنهش المجتمع حتى يصبح مثقلا كهلا لا قدرة له على البناء. فكيف تتوقعون من فتاة تهان وتضرب وتظلم في شتى أوجه حياتها أن تكون أما صالحة ومربية فاضلة ، وكيف بنا نلومها (هي فقط) عندما تنحرف عن طريق الفضيلة والشرف ، ألم نساهم في ضياعها ؟ ألم نشارك في جعلها عالة على مجتمعها؟ ألم يساهم أخوانها في ما آلت هي إليه من ضياع وتشتت وانحراف ؟ هل وقفوا بجانبها وهل كانوا سندا له؟

وبعد كل هذا يأتي عقابها باسم الشرف ، فأين كان الشرف وأين كانت الرجولة عندما عاملوها كأنها سلعة رخيصة أو كيان محتقر ؟

وأخيرا أقول أنّ كل ما نحتاج إليه هو قليل من التفكر في الأمر ، يتبعه قرار يتكافل فيه شباب هذا المجتمع ، ليكونوا سندا وملجئا وحصنا حصينا يحتمى به من جاهلية أصابت بعض الآباء فطغت على زوجاتهم وبناتهم .

مداد

مداد